آهــلا وسهـلا بـكم نورتوا المنتدى بوجودك خذ راحتك <<




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آهــلا وسهـلا بـكم نورتوا المنتدى بوجودك خذ راحتك <<


هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    انفصال اليمن نعمه او نغمه

    alkldy2010
    alkldy2010
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))


    الديك
    عدد المساهمات : 738
    نقاط : 1210
    31

    اغاني انفصال اليمن نعمه او نغمه

    مُساهمة من طرف alkldy2010 الثلاثاء يونيو 23, 2009 2:57 am

    [color=white][i][b][size=18]انفصال اليمن نعمه او نغمه Filemanager


    لكل بلد حكايته الطويلة.. ولكل حكاية تفاصيلها وأسماؤها ونقاطها المضيئة والمعتمة.. ولكل شعب ذاكرة –نائمة أو مستيقظة والمكان أيضاً له ذاكرة. وأشد الشعوب تعاسة هو الشعب الذي تَعَرّضَ لعمليات قاسية ومتوالية بغرض عزله عن ذاكرته..

    من ثم، فإن أصعب المهمات أمام المفكرين والمثقفين والساسة هي مهمة إعادة الذاكرة لشعب حيل بينه وبين ذاكرته..

    هذا البلد هو اليمن..
    وهذه المهمة هي التحدي الذي تجابهه النخب اليمنية الحية منذ بدء القرن العشرين وإلى الآن.. ذلك أن اليمنيين عاشوا أطول فترة غيبوبة على مدى التاريخ.. تماماً مثلما عاشوا إبان حضارتهم أطول فترة تمكين واستقرار على مدى التاريخ.. لكن الشعوب القوية تستعيد عافيتها بسرعة. ويحدث أثناء هذه الاستعادة لغط وارتباك واستعجال كثير. كما تتعرض بالمقابل لمحاولات محمومة بغرض إبقائها في حالة الغيبوبة..

    فَهْم هذا الأمر يساعدنا ولا شك على معرفة ما الذي يحتاجه اليمنيون في الوقت الحاضر، ولماذا صاروا إلى ما هم عليه الآن. سواء الشعب أو الحكام المنبثقون عنه ..


    اليمنيون أبناء هود عليه السلام

    قال نشوان الحميري: "اتفق كثير من علماء السير أنَّ أول نبي مرسل بعثه الله بعد نوح بشيرا ونذيرا وأمينا على وحيه هو هود عليه السلام وهو أبن العرب العاربة وهو الذي يقول في علقمة:
    أبونا نبي الله هود بن عابر ... ونحن بنو هود النبي الطهر
    لنا الملك في شرق البلاد وغربها ... ومفخرا يسمو على كل مفخر"
    في لحظةٍ ما وصل اليمنيون إلى أهمية أن يكونوا كيانا متفقاً على أن يغدوا رقماً صحيحاً في حلبة الأمم في العالم القديم.. وكانت الزراعة أساس البناء المادي لهم ودعموها بالسدود، ثم لما قوي شأنهم عززوها بالتجارة والصناعة وتتالت ممالك القوة دون فترة ضعف فاصلة تؤثر على تواتر انتقال الخبرة.

    ولارتباط اليمني بالزراعة كان ارتباطه بالمطر ومن ثم اتجاهه نحو السماء، وهذا سر غريزته الإيمانية التي جعلته في كل الحقب متوجهاً نحو آلهة سماوية، سواء الشمس أو القمر. وذلك قبل أن يهتدوا إلى عبادة الله الواحد الأحد سبحانه لا شريك له، والذي أسلم له اليمنيون وعبدوه على دين موسى وعيسى ثم خاتم النبيين محمد، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والتسليم.

    ولطبيعة الإنسان اليمني الدائبة، ولحدود اليمن الطبيعية (البحر والصحراء) نشأ انتعاش فكري واقتصادي وحالة استقرار سياسي وكذا انعدمت حالات العدوان المؤثّر من وإلى اليمن. ومن ثم تركز التطور على العمران والهندسة ومختلف مناحي الرخاء؛ إذ كان يسميه اليونان بلد القصور. ثم عرف بعد ذلك بـ "بلاد العربية السعيدة" أو اليمن السعيد، والسعادة تعني أعلى درجات التوافق والتنوع الذي أدى إلى اشتداد القوة وتواتر الرخاء.. قال تعالى:" لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ" (1).

    بلغ الاستقرار أَوَجَهُ في العهد السبئي دون مزعج خارجي عمل على تفشيله سوى ما جنته أنفس القوم، فبدل الله جنتيهم "جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ"(2).

    والحديث عن اليمنيين حديث عن سكان جنوب الجزيرة بعيداً عمن هاجروا وبعيداً عن ضرورة الأرومة القحطانية التي تمثل الأصل الجامع لسواد السكان.. وهو حديث عن حضارتهم كحاصل تفاعل الإنسان مع الأرض. أولئك الذين ملأت مسروقات آثارهم كل متاحف العالم.. وهذبتهم بعض الروادع أيام الأنبياء..

    بعد مرحلة الطوفان كون الأشخاص الذين نجوا في سفينة نوح عليه السلام سكان الأرض الموجودين حالياً، منهم من هو من سلالة النبي نوح، كأولاد سام وحام، ومنهم من ينحدر من ذرية من نجا معه. ومعروف أن المصريين– على سبيل المثال- هم من أولاد حام بن نوح، تماماً كما أن اليمنيين يعتبرون من ذرية سام بن نوح جد سبأ الذي هو أبو اليمنيين قاطبة، وتكاد معظم القبائل والمناطق اليمنية التي احتفظت بأسمائها إلى الآن هي أسماء أبناء سبأ كحمير بن سبأ وكهلان بن سبأ وحضرموت بن سبأ(3)..

    تكون من ذرية سبأ النسيج الأول للشعب اليمني في العصور الأولى والذين بنوا حضارات متعاقبة، منها حضارة قوم عاد وثمود وغير ذلك.. فتم مع مرور التاريخ ما يشبه التصفيات، بسبب العقوبات الإلهية حتى أيام هود عليه السلام. التي يقال إن أرومة الشعب اليمني الحالي تنحدر من سلالة النبي هود الذي لم يؤيده الله بمعجزات قط. وكما أسلفنا؛ فإن الحضارة اليمنية القديمة التي امتدت قروناً من الزمان أيام معين وسبأ وحضرموت وقتبان لم تتقوض بعوامل خارجية، بل بعوامل داخلية، يتمثل أغلبها في كفران النعمة، ما أدى إلى سيل العرم، الذي أتى على كثير من حواضر الحضارة اليمنية القديمة وأدى إلى هجرة كثير من اليمنيين.

    لكن اليمن ظل قوياً ومزدهراً طيلة الحقبة الحميرية وبلغ أوج مجده أيام أسعد الكامل؛ الذي جمع اليمنيين من جديد في وحدة سياسية واحدة. وساعدت عوامل عدة على بقاء اليمن قوياً وموحداً، لعل من أهمها: أصل اليمنيين الواحد وتشابه وتكامل رقعتهم الجغرافية، بالإضافة إلى عامل مهم جداً في نظري هو أن اليمنيين في عهد التبابعة الحميرين اعتمدوا آليات إدارية واقتصادية واجتماعية غاية في التماسك والفاعلية، بسبب كونها قامت على دراسة عميقة ودقيقة للواقع اليمني وللإنسان اليمني.. الأمر الذي جعل من دولة التبابعة مضرباً للمثل في القوة والازدهار.. يقول الله عز وجل: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ".(4) ولذا فإن الذي يعود إلى أشعار العرب قبل بعثة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام، يكتشف إلى أي حد كانت قوة التبابعة هي المادة الملهمة للخيال الأدبي حد تصوير التبابعة بقوة خرافية.


    حقبة الصراع اليهودي المسيحي.. بداية الضعف
    alkldy2010
    alkldy2010
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))


    الديك
    عدد المساهمات : 738
    نقاط : 1210
    31

    اغاني تابع

    مُساهمة من طرف alkldy2010 الثلاثاء يونيو 23, 2009 2:59 am

    انفصال اليمن نعمه او نغمه Filemanager


    حقبة الصراع اليهودي المسيحي.. بداية الضعف

    عادة لا تسقط الحضارات القوية دفعة واحدة؛ بل تعاني فترة احتضار قد تمتد قروناً تتنازعها خلال هذه الفترة أحلام العودة إلى أسباب الماضي المجيد من جهة، وضرورات سريان سنة الله في الدول والممالك حينما تحين شيخوختها من جهة ثانية.

    كان اليمنيون في الفترة الحميرية قد اعتنقوا الإسلام الذي جاء به موسى عليه السلام ودخلوا كعادتهم في دين الله أفواجا، وعندما بعث الله عيسى عليه السلام دخل جزء من اليمنيين في الدين الجديد بينما ظل الجزء الآخر، ومنهم الحكام، على دين موسى عليه السلام الذي تعرض لكثير من التحريف وانتقل من خانة الإسلام إلى خانة اليهودية.. وبالإمكان القول إن حقبة الاحتراب الديني بين أتباع اليهودية والنصرانية تعد البداية الحقيقية لضعف الحضارة اليمنية القديمة في آخر أطوارها وهو الطور الحميري. ولا يعد الغزو الحبشي ثم الفارسي إلا طوراً من أطوار فترة الضعف والشيخوخة. فكان أن ارتكب الملك ذو نواس الحميري، الذي كان يعتنق اليهودية، محرقة أصحاب الأخدود الذين كانوا على دين عيسى عليه السلام.. فظهرت في اليمن مشكلة اضطهاد ديني اضطرت السلالة اليمنية التي حكمت الحبشة (وكانت تعتنق النصرانية)، أن تتدخل لصالح النصارى المضطهدين على يد اليهود الحاكمين في اليمن.. فكان ما عرف من أمر الغزو الحبشي الأول ثم الغزو الحبشي الثاني الذي تزامن مع وجود سيف بن ذي يزن الحميري الذي كان على دين اليهودية، ووجد حينها أن للأحباش مشروعاً دينياً توسعياً يأتي ضمن التوسع المسيحي. فذهب إلى الفرس طلباً للنجدة، وكانت قد تعمقت صلات استراتيجية بين الفرس واليهود منذ قيام الفرس بتحرير اليهود من الغزو البابلي. وبالتالي؛ زود الفرس سيف بن ذي يزن بحملة عسكرية مكونة من مجاميع سياسية متمردة على كسرى كانت مودعة في السجون ومحكوماً عليها بالإعدام.. فأراد كسرى بذلك أن يضرب "عصفورين بحجر": تلبية طلب سيف بن ذي يزن، والتخلص من أولئك المتمردين. وبالفعل تم لذي يزن طرد الأحباش من اليمن، ساعده في ذلك النكسة التي تعرض لها جيش الأحباش في مكة بواسطة الطير الأبابيل في العام المسمى عام الفيل.

    لكن الواقع الذي ترتب على هذا الأمر هو أن اليمنيين استبدلوا غزواً بآخر.. فحل الفرس محل الأحباش، وأقاموا تحالفاً مع بعض القبائل اليمنية واستولوا على صنعاء عاصمة الحكم وجعلوا اليمن تابعة للنفوذ الفارسي الساساني، ولعل آخر المعارك وأشرسها بين المقاومة اليمنية والوجود الفارسي كانت "معركة الردم" التي شارك فيها الصحابي الجليل "فروة بن مسيك المرادي" قبل إسلامه، وكان الإسلام يومها قد انتقل من الطور المكي إلى طور المدينة المنورة.(5)

    انتهت معركة يوم الردم بانتصار الفرس والقبائل اليمنية المتحالفة معهم، وهزيمة جيش المقاومة ودخلت المشكلة دوراً أخف وطأة بعد إسلام باذان عامل كسرى في صنعاء.. لكن المشكلة بين الفرس واليمنيين عادت من جديد بعد أن أراد الأبناء الفرس أن يتوارثوا حكم اليمن دوناً عن اليمنيين الذين كانوا يومها يأبون تماماً أن يحكمهم أناس من غيرهم. وهو ما كان يتفهمه النبي صلى الله عليه وسلم، فاحتار فيمن يبعث إلى اليمن، حتى نزل إليه الوحي بإرسال الصحابي اليمني معاذ بن جبل، رضي الله عنه.

    وإنما كان الأبناء (وهي التسمية التي عرف بها أبناء الفرس في اليمن) يريدون أن يتوارثوا الحكم بينهم من باذان بعد أن أقره النبي صلى الله عليه وسلم على حكم صنعاء. تزامن سعي الأبناء مع موت النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتعلت مقاومة يمنية من جديد وقام الأبناء بتوثيق عراهم مع المدينة المنورة. الأمر الذي أدى إلى ردة سياسية في اليمن عن سلطة المدينة المنورة أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، سرعان ما تحولت في جزء منها إلى ردة دينية، وذلك عندما قام أحد قادة المقاومة اليمنية ضد الفرس وهو عبهلة بن قيس العنسي (الأسود العنسي)، بادعاء النبوة. الأمر الذي أفشل هذه المقاومة، وقامت حرب ضروس على أسوار صنعاء بين المسلمين وبين مناصري الأسود العنسي، الذي خسر كثيراً من مناصريه بسبب تلك الدعوة. وانتهت بمقتله على يد زوجته، بعد المعركة الحامية التي دارت في منطقة "المشهد" بشعوب، صنعاء.(6) وبالتالي أفشلت هذه الحرب على الأبناء احتكار السلطة فتحولوا بعدها إلى مواطنين يسهمون في كل مجالات الحياة اليمنية إلى الحد الذي نسى فيه الكثير منهم أصولهم الغابرة (على عكس ما حدث مع الهادويين الذين جاءوا بعد ذلك) وبمجرد ذلك انتهت الردة في اليمن، والتي بالفعل لم تكن ردة دينية والدليل على ذلك أن جميع القادة في صف الأسود العنسي عادوا إلى الإسلام بسهولة، ومنهم الفارس الشاعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي، والشدادي ووجيه حضرموت الأشعث بن قيس.

    ولدهائه الكبير، فقد أرسل الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كلاً من: عمرو بن معد يكرب والشدادي إلى العراق ليشد بهما أزر سعد بن أبي وقاص في معاركه ضد الفرس، وذلك لعلمه بما يكنان للفرس من عداوة، ولإدراكه معرفتهما بأساليب الفرس القتالية.. ومعهما رسالة من لدنه إلى سعد يقول فيها: لقد أمددتك بألفين من المقاتلين: عمرو بن معد يكرب، والشدادي. وكان لهما بالفعل دور في سيرورة المعركة لصالح المسلمين عندما أشارا بضرب خراطيم الفيلة في "معركة القادسية" الفاصلة التي كانت آخر مسمار في نعش الامبراطورية الكسروية التي ما زال بعض أذيالها إلى الآن يحملون تجاه اليمنيين حقداً كبيراً. فبالإضافة إلى الفارسيْن المذكوريْن كان ثلثا جيش سعد بن أبي وقاص (الأنصاري) من اليمن ومعظمهم من حضرموت.(7)

    مثّل اليمنيون للدولة الإسلامية الوليدة في قلب الجزيرة العربية الهيكل الإداري والتنظيمي الذي لم تكن تمتلكه قبائل نجد والحجاز، كما زودوا الدولة الإسلامية بمقومات البناء الهيكلي والقاعدة المؤسسية للتوسع المتوازن رأسياً وأفقياً. على أن الباحث والمؤرخ اليمني محمد حسين الفرح، يفصِّل في سفره الكبير "يمانيون في موكب الرسول" أن اليمنيين أيضاً كانوا هم رماح الشوكة في دولة الفتوحات، حتى ليظنن المرء من كثرة الفاتحين اليمانيين أنه لم يتبق في اليمن يومها إلا الأطفال والنساء وضعاف القوم.

    ومن يومها كان اليمن أحد أقطار الحضارة العربية الإسلامية الوليدة، وتشارك اليمنيون في ترسيخ دعائمها ومثلوا السواد الأعظم من قادة وجيوش الفتوحات التي امتدت شرقاً وغرباً.. ولهذا وقع اليمن فريسة للمشاريع السياسية الضيقة التي انحرفت به عن ركاب حقبة الازدهار العربي الإسلامي.. وكان لتلك المشاريع الصغيرة دور رئيس في تأجيل استعادة اليمن جولة حضارية جديدة يسهم من خلالها
    في تجديد
    الأرض وتقدم الإنسانية.
    alkldy2010
    alkldy2010
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))
    ((صــأحــب ألمـــوقــع))


    الديك
    عدد المساهمات : 738
    نقاط : 1210
    31

    اغاني ؟

    مُساهمة من طرف alkldy2010 الثلاثاء يونيو 23, 2009 3:00 am



    حقبة المشاريع الصغيرة وشرعية إلغاء الذات اليمنية

    تنطلق الفلسفة التي قامت عليها دولة الهادي وأبنائه في اليمن على أحقية أبناء فاطمة، رضي الله عنها، بالحكم، وبالتالي فدولة الهادي (التي بدأت في صعدة عام 284هـ) انطلقت من شرعية دينية مغلوطة ذات منحى سلالي اعتمد في حشده للأتباع على "مظلومية آل البيت"( Cool واتكأت على إذكاء الخلافات الداخلية بين اليمنيين والقضاء على ثقافة الروح الوطنية باعتبارها، من وجهة نظرهم، من ميراث الجاهلية!!

    وللأسف لم يحدث هذا الهدم في بواكير الدولة الهادوية فحسب؛ بل امتد طيلة حكمها المتقطِّع حتى أيام بيت حميدالدين، ويذكر المؤرخ محمد بن علي الأكوع الحوالي()، أن عالم الآثار المصري البروفسور أحمد فخري كان زار اليمن للمرة الثانية 1949م وهاله ما رأى من هدم منظم لآثار مأرب وقال في حديث أدلى به لبعض أصدقائه : "ما هممت أن أقتل أحداً في عمري غير هذا الرجل المجرم عامل مأرب أحمد الكحلاني". يعلق الأكوع: "وكان هذا الموظف الجاهل أزال عدداً كبيراً من المعابد والهياكل وحطم الرسوم والنقوش والكتابة بحفرها وكشطها تعمداً وحقداً( 9)"!!

    وكان ضرورياً في نظر الفلسفة الهادوية عزل اليمن عن محيطها العربي والإسلامي حتى لا يتأثر اليمنيون بالحراك السياسي غير المأهول بالدهشة والتبجيل للأسرة العلوية. ساعد في هذه العزلة حالة من الغيبوبة والإهمال طالت حواضر نجد والحجاز، بسبب مشاريع سياسية وكهنوتية مشابهة، ما جعل باقي أرجاء الجزيرة العربية كواقع سياسي راكد، تمثل عامل عزلة إضافي لليمن.

    في غضون ذلك وعلى مدى قرون متتالية لم يهدأ الصراع في اليمن، ما جعل اليمن ينتقل من حقبة "اليمن السعيد" إلى حقبة "اليمن البعيد".


    سيناريو التمزيق البريطاني المتوكلي


    بسبب نظرية الخروج في الفكر الهادوي وبسبب عنصرية نظام الإمامة الهادوي ومذهبيته لم تستتب الأوضاع في اليمن؛ فكان يحرص على عدم بسط نفوذه على اليمن كافة. حتى لا يؤدي ذلك إلى اجتماع اليمنيين واتفاقهم عليه.

    علماً أنه بمجيء الهادي في عام284هـ عرف اليمن أول إعلان انفصال، وذلك عندما أعلن الهادي انفصاله بصعدة، ثم وقع اليمن، بسبب نظرية الخروج، تحت وطأة الكيانات الانفصالية المتعددة إلى درجة أن أحدهم قد يعلن نفسه إماماً على قرية أو اثنتين.

    وقد بلغ هذا الوضع الفوضوي أوجه في منتصف القرن الثالث عشر الهجري حينما تداول الحكم ما يقارب عشرين إماماً في أقل من شهر. الأمر الذي دفع ببعض الهادويين إلى الاستنجاد بالأتراك العثمانين الذين دخلوا صنعاء في العام 1849م بدعوة من الإمام المنصور محمد بن يحيى. (10)

    وهناك خطأ تأريخي يقع فيه الكثيرون حينما يحسبون مجيء الاستعمار البريطاني إلى عدن 1839م الموافق 1254هـ وكأنه بداية التشطير في اليمن على هيئة شمال وجنوب؛ إذ الأصح أن أحد الأئمة من بيت القاسم (الحسين بن القاسم) هو الذي سبق إلى إعلان الانفصال بعدن (1144هـ). الأمر الذي أفسح المجال للتشرذم ونشوء السلطنات والمشيخات التي عمق وجودها الاسمي الاستعمار البريطاني الذي قام بإضعاف كل تلك الكيانات وسلبها كل أسباب القوة حتى لا تسعى إلى طرده.

    ومعروف أن الاستعمار لم تستتب له الأوضاع في عدن إلا بعد أن خاض معارك ضارية وغير متكافئة مع سلطان لحج (فضل العبدلي) الذي أبلى بلاءً حسنا. وبسبب شكيمة القبائل اليمنية في جنوب البلاد اكتفى الاستعمار بتواجده في عدن فقط، ولم يتسن له بسط هيمنته السياسية على مناطق جنوب وشرق اليمن إلا بواسطة الدس والخديعة وسياسة "فرق تسد"(11). ولذا فإن الاستعمار مثل الشق الثاني من مقص التشطير في اليمن.. وقد عمل بعد مجيئه على توثيق الروابط بالكيان الانفصالي الموجود في شمال اليمن والمتمثل بالإمامة التي أوشكت أن تموت بفعل الخواء الذاتي، لكنها استعادت شيئاً من الحيوية بعد مجيء الاستعمار وتحالفه مع الإمامة التي تكفلت بوأد أية محاولات تحريرية منطلقة من الشمال.(12)

    علماً أن نظام الإمامة الانفصالي في شمال اليمن قد أعاق لعدة مرات فرصاً عديدة لتوحيد اليمن، قبل وبعد الاستعمار، منها ما يذكره المؤرخ محمد بن علي الأكوع الحوالي أن إمام صنعاء رفض في القرن التاسع عشر دعوة للوحدة تحت حكم الإمام تقدم بها وفد كبير من أعيان حضرموت. وهو الموقف ذاته الذي فعله الإمام يحيى في عشرينات القرن العشرين عندما رفض دعوة عبيدالله السقاف رغم أن الأخير كتب في الإمام قصائد عصماء جمعها في ديوان "الإماميات"(13) ثم رفض الإمام يحيى في ثلاثينيات القرن العشرين؛ عندما رفض دعوة أخرى للوحدة يكون فيها إماماً لليمن كله..!! وهي التي تقدم بها سلاطين الجنوب إلى الإمام عبر السياسي والأديب التونسي عبدالعزيز الثعالبي. الذي فوجئ برد الإمام ووضع الإمام وعقلية الإمام. ووثق القصة كاملة في كتابه "الرحلة اليمانية".

    وقد قام الفريقان (الإمامة والاستعمار) بخطوة جريئة كانا يظنان أنها ستمثل آخر مسمار في نعش وحدة اليمنيين. وهي ترسيم حدود دولية بين شطري اليمن وبموجب تلك الاتفاقية أصبح وكأن اليمن هو الجزء الجغرافي المحصور ضمن سيطرة الإمام بينما الجزء الواقع تحت الاحتلال يعد من ممتلكات المملكة المتحدة!!

    في المقابل قام البريطانيون بعد اتفاقية الحدود مع الإمام بوضع مشروع سياسي وثقافي يهدف إلى بلورة هوية جديدة لجنوب وشرق اليمن؛ ضمن محاولة يائسة لشرخ هويته اليمنية وذلك عن طريق وضع مشروع اتحاد إمارات الجنوب العربي كما قام الاستعمار ببلورة كيانات سياسية وثقافية وإعلامية تتبنى تعميق مثل هذا الطرح، وربط مصالح هذه الكيانات به، وشجع على إصدار صحف عدنية يومية تعمل على ترسيخ صورة اليمن وكأنه الجزء الواقع تحت إدارة الإمامة بينما الباقي هو الجنوب العربي!! ( 14)

    لكن مثل هذا الخطاب لم يتعد أفواه تلك الصحف ولم يتجاوز حدود مقراتها، بل أدى إلى ردة فعل حازمة من قبل اليمنيين شماله وجنوبه دفعتهم إلى إحياء الفكر الوحدوي اليمني وتعرية المشاريع التشطيرية التي كان يذكيها، كما أسلفنا، الإمام المغتصب لكرسي الحكم في صنعاء والمندوب السامي المغتصب لكرسي الحكم في عدن..! وعندها ربما كان الهاجس الوحدوي لدى الحركة الوطنية هو الذي أدى إلى التعجيل بضرورة تغيير نظام الحكم في صنعاء للتخلص من أحد أطراف المعادلة الانفصالية-وهذا ما حدث عام 1962م- التي سيسهل بعدها التخلص منه تنظيم الجهود والكفاح لإخرا
    ج الطرف الآخر وهو الاستعمار.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 1:04 pm