هذه لفتة وتذكرةُ موجزةُ حول أصناف الناس في رمضان مع تلك الشعيرة العظيمة ، والركن الثاني من أركان الإسلام ، ألا وهي الصلاة . قال الله تعالى : } إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقتاً{ ( النساء : 103).
وللناس في هذا الشهر المبارك مع الصلاة أحوالُ ـ لا يخرجون عنها غالباً ـ رمنا بيانها ليكون المسلم على حذر من أن يٌصنف نفسه في خطيرها وعظيمها وعلى شوق وعزم أن يرتقي إلى أكملها وأفضلها .
سائلين المولى ـ عز وجل ـ أن يجعل هذا العمل خالصاً ، وإليه مقرباً ، وعن النار مباعداً ، وأن يعفوا عنا جميعاً بمنه وكرمه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الصنف الأول
" من يصوم رمضان ، ولا يصلي فيه ولا في غيره "
فهذا نقول له ، أي صوم هذا الذي ترتجي ثوابه وأجره وأنت لا تصلي ، أما تعلم أن الصلاة هي عمود الدين وهي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد علمت أن من تركها عمداً جاحداً لوجوبها كفر بإجماع المسلمين ، ومن تركها تهوناً وكسلاً كفر على القول الصحيح ، وهذا حبيبك صلى الله عليه وسلم يقول : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " . ولا يخفاك أن الكافر لا يقبل منه صيام ولا غيره .
الصنف الثاني
" من يصوم رمضان ولا يصلي إلا فيه "
أما هذا فقد أغضب ربه ، وخادعه وهذا حري أن يكون عبداً لرمضان لا لرب رمضان !! وكما قيل فيه وفي شاكلته " بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان " فمن ترك الصلاة فهو كافر كما ذكرنا ولا عبرة بصيامه وصلاته في رمضان فقط .
الصنف الثالث
" من يصوم رمضان ولا يعرف الصلاة ولا الجماعة طيلة أيام العام إلا صلاة الجمعة ، وصلاة المغرب في رمضان !! " .
وهذا أن لم يتب من جرمه فأمره عظيم ، وخطره وبيل ومرده إلى ويل . قال الله تعالى : } فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون{ ( الماعون : 4،5) فهذا المبخوس بعد أن استفاق من نومه على صوت المؤذن أو بالأصح على وقت الإفطار والتهم ألوان الأطعمة والأشربة ، ساقته قدماه ـ حسب العادة ـ إلى المسجد ومن المعتاد أن تجد المسجد في صلاة المغرب في رمضان مزدحماً وربما يضيق بالمصلين ـ أما سائر الفروض فهو لا يصليها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وهذا إن كان ممن أضاف إلى ترك الجماعة ترك الصلاة بالكلية فهو على خطر عظيم نسأل الله العافية .
الصنف الرابع
" من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر والظهر والعصر جماعة ويصليهن في بيته وربما كان خارج أوقاتهن " .
فمن الناس من يقضي ليل هذا الشهر المبارك وأقاته الفاضلة في المعاصي ما بين سهر على منكرات ، ومجالس أثام ومعاص ، لا تعد ولا تحصى ، فهؤلاء ضيعوا ليلهم في غضب الله ، واستخدموا نعمه الظاهرة والباطنة فيما يسخطه عليهم ، ويبعدهم عن رضوانه .
ولا يخفى أن من ترك الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها دونما عذر شرعي صحيح ، لا تبرأ ذمته ولو أعاد الصلاة ألف مرة ، إذ أن كل عبادة لها وقت معلوم ولا تصح إلا فيه . ومن تعمد ترك الصلاة بسهر في معصية فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر .
الصنف الخامس
" من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر طيلة العام ، وربما يصليها في رمضان إن كان مستيقظاً!!".
ابتلى عدد من الناس بالتخلف عن صلاة الفجر جماعة ، بل ربما عن صلاتها في وقتها ـ وقد تجد من أهل المساجد من نسي أو تناسى أن هناك صلاة خامسة تدعى ( صلاة الفجر ) ـ إ دأبهم طيلة العام السهر إلى ساعات متأخرة من الليل ، فتجد أحدهم تاركاً لهذه الفريضة إما عمداً أو لعدم المبالاة بها ، وفي الوقت نفسه تجده شديد العناية بضبط منبه الوقت على ساعة الدراسة أو العمل !! ، ولكن في رمضان قد يصليها لا لكونه مهتماً بها لكن لدخولها في وقت صحوه ويقظته !! ، ولهؤلاء نقول تذكروا إن " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر .. " هذا هو حكم رسولك صلى الله عليه وسلم .
الصنف السادس
" من يصوم رمضان ولكنه لا يعرف طريق المسجد والجماعة لا في رمضان ولا في غيره " :
وهناك فئةُ محرومةُ من الخير ، محرومة من تفيء ظلال بيوت الله ـ نسأل الله لنا ولهم الهداية ـ فهم لا يعرفون المساجد ولا الجماعة حتى في هذا الشهر المبارك حيث تتنزل البركات ، وتصبو القلوب إلى خالقها ، فمن باب أولى أنهم لا يؤمونها فيما سواه .
روى مسلمُ في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " .. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا المنافق معلوم النفاق " فهل يرضى عاقل لبيب أن يعرف في حيه بأن فلاناً لا يشهد الجماعة ؟ ! .. وهل يا ترى أن يتوانى ويتكاسل عن قصد بيت الله وقد يكون ببابه تراه حريصاً على تأديتها في بيته في وقتها ؟! .
الصنف السابع
" من يصوم رمضان وينشط في أوله بالصلاة إلا أنه يكسل بعد مضي أيام منه ، لا سيما الأيام الفاضلة في آخره " .
إن المسلم الكيس الفطن يحاول قصارى جهده أن يغتنم الفرص ومواسم الخير فالعمر قصير ، والذنب كثير والخطب كبير ، فرمضان موسم جدٍ وعملٍ ، لا نوم وكسل ، ولكن من اختلطت عليه مشارب الحياة ومداخلها تجده في أول الأمر حريصاً على الخير وطرقه ، ولكن ما أن يسلكه إلا وتدخل عليه الحياة ومشاغلها ، فتجده تضعف همته وتخور عزائمه . وإن من الخسارة أن يكون ذلك التفريط في آخر الشهر المبارك ، حيث الأيام والليالي الفاضلة التي لا يعد لها في السنة مثيلُ ، وكفى بليلة القدر فضلاً وشرفاً .
الصنف الثامن
" من يصوم رمضان ويحرص على صلاة التراويح وتجده في الوقت نفسه يتخلف ويفرط في الصلوات المفروضة " .
فمما لا شك فيه أن الفرائض مقدمة على النفل ، وأن الواجب مقدم على المستحب ، فما عساه أن يسمى ذلك الذي يفرط في الصلوات المكتوبة ، إما بالنوم وإما بالانشغال بما لا يتفق مع هذا الشهر المبارك ، وفي الوقت نفسه تجده أحرص ما يكون على صلاة التراويح ، فهذا قد ظلم نفسه وحرمها مما أوجب عليه ، واهتم بالطاعات التي هي من باب النفل والزيادة .
الصنف التاسع
" من يصوم رمضان ويصلي مع جماعة المسلمين ، إلا أنه لا يحرص على إدراك تكبير الأحرام مع الإمام " وربما تفوته الجماعة وإضافة إلى ذلك فهو مضيع للسنن القبلية والبعدية " .
وهذا مما ابتلى به الكثير من الشباب بل وممن يعدون من أهل الخير ، إذ لا تراهم إلا في الصفوف الأخيرة يقضون صلاتهم ، فإلى هؤلاء جميعاً نقول لهم ألا تريدون أن تكونوا ممن قال فيهم صلى الله عليه وسلم " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان ، براءة من النار وبراءة من النفاق " حديث حسن ولا ننسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها " ( رواه مسلم ) .
الصنف العاشر
" من يصوم رمضان ويحافظ على الصلوات جماعة ، ويكون رمضان دافعاً له على تقوية إيمانه وزيادته " .
وهذه الطائفة الموفقة هم من عُمار المساجد ، ولرمضان في حياتهم الإيمانية أكبر الأثر ، إذ تجد أحدهم في هذا الشهر المبارك من الحرص بمكان في المبادرة إلى المساجد عند الأذان أو قبيله ، والمحافظة على الصفوف الأولى فهؤلاء نقول لهم ، أحمدوا الله واشكروه ، واسألوه من فضله وتعرضوا لفنحات مولاكم ، وأدعوه بالثبات على ذلك في رمضان وغير رمضان ، وإياكم من نقض الغزل بعد القوة !! .
الصنف الحادي عشر
" من يصوم رمضان ويصوم الأيام المسنون صومها ، ويجتهد في الطاعات والقرب ما كان منها واجباً ونفلاً ، وللصلاة في حياته النصيب الأكبر " .
أما هؤلاء فنسأل الله أن يجعلنا منهم ، فهم في جنةٍ غناء وارفة الظلال ، وهذا هو شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يصور هذه الجنة بقوله : " إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة " ورغم ذلك تجد أحدهم يعمل العمل ويخشى ألا يقبل منه .
} قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً{ ( الزمر : 53) ، نعم إنه يغفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها }إنه هو الغفور الرحيم { ولكن هناك أمراً لابد من تحقيقه ألا وهو } وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له { ( الزمر :54) .
أخي .. عد إلى الله وأسلم له حقيقة الإسلام وقل بلسان حالك ومقالك : } ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين { ( الأعراف : 22) .
وتذكر أن سيئاتك مهما بلغت فإن الله يبدلها حسنات .. نعم حسنات !! ولا تسلم نفسك للشيطان وخطواته وكن ممن قال فيهم رب البريات } إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً { ( الفرقان : .
} ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب{ ( آل عمران : .
} ربنا عليك توكلنا وإليك إنبنا وإليك المصير { ( الممتحنة : 4) .
وقفة مراجعة بعد رمضان
أخي المسلم : هذه ثمان وقفات نقفها نحن وإياك في العيد مع نفوسنا ، لعلنا أن نستلهم منها روحاً تبقى ريانة بالإيمان بعد رمضان .
المراجعة الأولى : وقفة محاسبة :
أخي الكريم : جدير بكل مسلم يخاف الله ـ تعالى ـ أن يقف مع نفسه بعد هذا الشهر الكريم ليحاسبها ، فمحاسبة النفس من أنجع الأدوية ـ بإذن الله ـ لإصلاح القلوب وحثها على الخير ، وها نحن قد ودعنا رمضان المبارك بأيامه الجميلة ولياليه العطرة الفواحة بالروحانية ، ودعناه ومضى ، ولا ندري هل سندركه في عام قادم ، أم ستنتهي آجالنا دونه ؟ .
ودعناه ومضى وصرنا مرتهنين بما أودعناه من خير أو شر .
- فهل تخرجنا من هذا الشهر العظيم بوسام ( التقوى ) ؟
- هل عودنا أنفسنا على الصبر والمصابرة ومجاهدة النفس على فعل الطاعة وترك المعصية ابتغاء رضوان الله ، فانتصرنا عليها ، وكبحنا جماحها فصارت نفوساً مستسلمة لله رب العالمين ؟ .
- هل رحمنا الفقير فواسيناه بعدما ذقنا شيئاً مما يذوقه من الجوع والعطش ؟
- هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟ أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟ هل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار .
- هل نقينا قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء لإخواننا المسلمين وفتحنا معهم صفحات بيضاء ملؤها المحبة والتواصل والرأفة والمواساة ؟
نسأل الله تعالى أن يجعله عيداً سعيداً محفوفاً بالقبول منه سبحانه والعتق من النار .
و ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير ، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء .. وتخاف عدم القبول ، وترجو من الله القبول ونتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك .
وللناس في هذا الشهر المبارك مع الصلاة أحوالُ ـ لا يخرجون عنها غالباً ـ رمنا بيانها ليكون المسلم على حذر من أن يٌصنف نفسه في خطيرها وعظيمها وعلى شوق وعزم أن يرتقي إلى أكملها وأفضلها .
سائلين المولى ـ عز وجل ـ أن يجعل هذا العمل خالصاً ، وإليه مقرباً ، وعن النار مباعداً ، وأن يعفوا عنا جميعاً بمنه وكرمه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الصنف الأول
" من يصوم رمضان ، ولا يصلي فيه ولا في غيره "
فهذا نقول له ، أي صوم هذا الذي ترتجي ثوابه وأجره وأنت لا تصلي ، أما تعلم أن الصلاة هي عمود الدين وهي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد علمت أن من تركها عمداً جاحداً لوجوبها كفر بإجماع المسلمين ، ومن تركها تهوناً وكسلاً كفر على القول الصحيح ، وهذا حبيبك صلى الله عليه وسلم يقول : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " . ولا يخفاك أن الكافر لا يقبل منه صيام ولا غيره .
الصنف الثاني
" من يصوم رمضان ولا يصلي إلا فيه "
أما هذا فقد أغضب ربه ، وخادعه وهذا حري أن يكون عبداً لرمضان لا لرب رمضان !! وكما قيل فيه وفي شاكلته " بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان " فمن ترك الصلاة فهو كافر كما ذكرنا ولا عبرة بصيامه وصلاته في رمضان فقط .
الصنف الثالث
" من يصوم رمضان ولا يعرف الصلاة ولا الجماعة طيلة أيام العام إلا صلاة الجمعة ، وصلاة المغرب في رمضان !! " .
وهذا أن لم يتب من جرمه فأمره عظيم ، وخطره وبيل ومرده إلى ويل . قال الله تعالى : } فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون{ ( الماعون : 4،5) فهذا المبخوس بعد أن استفاق من نومه على صوت المؤذن أو بالأصح على وقت الإفطار والتهم ألوان الأطعمة والأشربة ، ساقته قدماه ـ حسب العادة ـ إلى المسجد ومن المعتاد أن تجد المسجد في صلاة المغرب في رمضان مزدحماً وربما يضيق بالمصلين ـ أما سائر الفروض فهو لا يصليها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وهذا إن كان ممن أضاف إلى ترك الجماعة ترك الصلاة بالكلية فهو على خطر عظيم نسأل الله العافية .
الصنف الرابع
" من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر والظهر والعصر جماعة ويصليهن في بيته وربما كان خارج أوقاتهن " .
فمن الناس من يقضي ليل هذا الشهر المبارك وأقاته الفاضلة في المعاصي ما بين سهر على منكرات ، ومجالس أثام ومعاص ، لا تعد ولا تحصى ، فهؤلاء ضيعوا ليلهم في غضب الله ، واستخدموا نعمه الظاهرة والباطنة فيما يسخطه عليهم ، ويبعدهم عن رضوانه .
ولا يخفى أن من ترك الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها دونما عذر شرعي صحيح ، لا تبرأ ذمته ولو أعاد الصلاة ألف مرة ، إذ أن كل عبادة لها وقت معلوم ولا تصح إلا فيه . ومن تعمد ترك الصلاة بسهر في معصية فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر .
الصنف الخامس
" من يصوم رمضان ويترك صلاة الفجر طيلة العام ، وربما يصليها في رمضان إن كان مستيقظاً!!".
ابتلى عدد من الناس بالتخلف عن صلاة الفجر جماعة ، بل ربما عن صلاتها في وقتها ـ وقد تجد من أهل المساجد من نسي أو تناسى أن هناك صلاة خامسة تدعى ( صلاة الفجر ) ـ إ دأبهم طيلة العام السهر إلى ساعات متأخرة من الليل ، فتجد أحدهم تاركاً لهذه الفريضة إما عمداً أو لعدم المبالاة بها ، وفي الوقت نفسه تجده شديد العناية بضبط منبه الوقت على ساعة الدراسة أو العمل !! ، ولكن في رمضان قد يصليها لا لكونه مهتماً بها لكن لدخولها في وقت صحوه ويقظته !! ، ولهؤلاء نقول تذكروا إن " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر .. " هذا هو حكم رسولك صلى الله عليه وسلم .
الصنف السادس
" من يصوم رمضان ولكنه لا يعرف طريق المسجد والجماعة لا في رمضان ولا في غيره " :
وهناك فئةُ محرومةُ من الخير ، محرومة من تفيء ظلال بيوت الله ـ نسأل الله لنا ولهم الهداية ـ فهم لا يعرفون المساجد ولا الجماعة حتى في هذا الشهر المبارك حيث تتنزل البركات ، وتصبو القلوب إلى خالقها ، فمن باب أولى أنهم لا يؤمونها فيما سواه .
روى مسلمُ في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " .. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا المنافق معلوم النفاق " فهل يرضى عاقل لبيب أن يعرف في حيه بأن فلاناً لا يشهد الجماعة ؟ ! .. وهل يا ترى أن يتوانى ويتكاسل عن قصد بيت الله وقد يكون ببابه تراه حريصاً على تأديتها في بيته في وقتها ؟! .
الصنف السابع
" من يصوم رمضان وينشط في أوله بالصلاة إلا أنه يكسل بعد مضي أيام منه ، لا سيما الأيام الفاضلة في آخره " .
إن المسلم الكيس الفطن يحاول قصارى جهده أن يغتنم الفرص ومواسم الخير فالعمر قصير ، والذنب كثير والخطب كبير ، فرمضان موسم جدٍ وعملٍ ، لا نوم وكسل ، ولكن من اختلطت عليه مشارب الحياة ومداخلها تجده في أول الأمر حريصاً على الخير وطرقه ، ولكن ما أن يسلكه إلا وتدخل عليه الحياة ومشاغلها ، فتجده تضعف همته وتخور عزائمه . وإن من الخسارة أن يكون ذلك التفريط في آخر الشهر المبارك ، حيث الأيام والليالي الفاضلة التي لا يعد لها في السنة مثيلُ ، وكفى بليلة القدر فضلاً وشرفاً .
الصنف الثامن
" من يصوم رمضان ويحرص على صلاة التراويح وتجده في الوقت نفسه يتخلف ويفرط في الصلوات المفروضة " .
فمما لا شك فيه أن الفرائض مقدمة على النفل ، وأن الواجب مقدم على المستحب ، فما عساه أن يسمى ذلك الذي يفرط في الصلوات المكتوبة ، إما بالنوم وإما بالانشغال بما لا يتفق مع هذا الشهر المبارك ، وفي الوقت نفسه تجده أحرص ما يكون على صلاة التراويح ، فهذا قد ظلم نفسه وحرمها مما أوجب عليه ، واهتم بالطاعات التي هي من باب النفل والزيادة .
الصنف التاسع
" من يصوم رمضان ويصلي مع جماعة المسلمين ، إلا أنه لا يحرص على إدراك تكبير الأحرام مع الإمام " وربما تفوته الجماعة وإضافة إلى ذلك فهو مضيع للسنن القبلية والبعدية " .
وهذا مما ابتلى به الكثير من الشباب بل وممن يعدون من أهل الخير ، إذ لا تراهم إلا في الصفوف الأخيرة يقضون صلاتهم ، فإلى هؤلاء جميعاً نقول لهم ألا تريدون أن تكونوا ممن قال فيهم صلى الله عليه وسلم " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان ، براءة من النار وبراءة من النفاق " حديث حسن ولا ننسى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها " ( رواه مسلم ) .
الصنف العاشر
" من يصوم رمضان ويحافظ على الصلوات جماعة ، ويكون رمضان دافعاً له على تقوية إيمانه وزيادته " .
وهذه الطائفة الموفقة هم من عُمار المساجد ، ولرمضان في حياتهم الإيمانية أكبر الأثر ، إذ تجد أحدهم في هذا الشهر المبارك من الحرص بمكان في المبادرة إلى المساجد عند الأذان أو قبيله ، والمحافظة على الصفوف الأولى فهؤلاء نقول لهم ، أحمدوا الله واشكروه ، واسألوه من فضله وتعرضوا لفنحات مولاكم ، وأدعوه بالثبات على ذلك في رمضان وغير رمضان ، وإياكم من نقض الغزل بعد القوة !! .
الصنف الحادي عشر
" من يصوم رمضان ويصوم الأيام المسنون صومها ، ويجتهد في الطاعات والقرب ما كان منها واجباً ونفلاً ، وللصلاة في حياته النصيب الأكبر " .
أما هؤلاء فنسأل الله أن يجعلنا منهم ، فهم في جنةٍ غناء وارفة الظلال ، وهذا هو شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يصور هذه الجنة بقوله : " إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة " ورغم ذلك تجد أحدهم يعمل العمل ويخشى ألا يقبل منه .
} قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً{ ( الزمر : 53) ، نعم إنه يغفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها }إنه هو الغفور الرحيم { ولكن هناك أمراً لابد من تحقيقه ألا وهو } وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له { ( الزمر :54) .
أخي .. عد إلى الله وأسلم له حقيقة الإسلام وقل بلسان حالك ومقالك : } ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين { ( الأعراف : 22) .
وتذكر أن سيئاتك مهما بلغت فإن الله يبدلها حسنات .. نعم حسنات !! ولا تسلم نفسك للشيطان وخطواته وكن ممن قال فيهم رب البريات } إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً { ( الفرقان : .
} ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب{ ( آل عمران : .
} ربنا عليك توكلنا وإليك إنبنا وإليك المصير { ( الممتحنة : 4) .
وقفة مراجعة بعد رمضان
أخي المسلم : هذه ثمان وقفات نقفها نحن وإياك في العيد مع نفوسنا ، لعلنا أن نستلهم منها روحاً تبقى ريانة بالإيمان بعد رمضان .
المراجعة الأولى : وقفة محاسبة :
أخي الكريم : جدير بكل مسلم يخاف الله ـ تعالى ـ أن يقف مع نفسه بعد هذا الشهر الكريم ليحاسبها ، فمحاسبة النفس من أنجع الأدوية ـ بإذن الله ـ لإصلاح القلوب وحثها على الخير ، وها نحن قد ودعنا رمضان المبارك بأيامه الجميلة ولياليه العطرة الفواحة بالروحانية ، ودعناه ومضى ، ولا ندري هل سندركه في عام قادم ، أم ستنتهي آجالنا دونه ؟ .
ودعناه ومضى وصرنا مرتهنين بما أودعناه من خير أو شر .
- فهل تخرجنا من هذا الشهر العظيم بوسام ( التقوى ) ؟
- هل عودنا أنفسنا على الصبر والمصابرة ومجاهدة النفس على فعل الطاعة وترك المعصية ابتغاء رضوان الله ، فانتصرنا عليها ، وكبحنا جماحها فصارت نفوساً مستسلمة لله رب العالمين ؟ .
- هل رحمنا الفقير فواسيناه بعدما ذقنا شيئاً مما يذوقه من الجوع والعطش ؟
- هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟ أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة؟ هل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار .
- هل نقينا قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء لإخواننا المسلمين وفتحنا معهم صفحات بيضاء ملؤها المحبة والتواصل والرأفة والمواساة ؟
نسأل الله تعالى أن يجعله عيداً سعيداً محفوفاً بالقبول منه سبحانه والعتق من النار .
و ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير ، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء .. وتخاف عدم القبول ، وترجو من الله القبول ونتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك .