الحج أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، ودعائمه الخمس ، وفرض من فروضه ، دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، وهو فرض عينٍ على المكلف المستطيع مرة واحدة في العمر ، ومن أنكر ذلك فقد كفر ، والأدلة على وجوب الحج كثيرة نذكر منها :
من الكتاب :
قول الله تعالى :
{ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً * ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين} آل عمران : 97 .
{ وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة : 196.
ومن السنة :
ما رواه عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بُنِي الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج وصوم رمضان " .
ويجب على من لم يحج وهو يقدر عليه أن يبادر إليه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " تعجلوا إلى الحج ـ يعني الفريضة ـ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له " .
لقد وردت نصوص كثيرة عن فضل الحج ، ونحن لا نستطيع أن نوردها كلها ، ولكن نورد بعضها :
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " .
وقال صلى الله عليه وسلم : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .
وإذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يكتب وصيته ، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة بشروطها المعروفة وهي : الإقلاع عن الذنب ، والندم على ما مضى ، والعزيمة على عدم العودة ، ورد المظالم . وعلى الحاج أن يتخير لحجه وعمرته النفقة الطيبة ، وعلى الحاج أن يصحب في سفره الأخيار ، وأن يكون على علم بالمناسك ، وأن يحرص على عدم إيذاء أحد ، ويجب أن يتجنب الرَّفَث والفسوق والعصيان والجدال ، لغير نصرة الحق ، ويجب على المرأة ألا تسافر إلا مع ذي محرم .
مواقيت الإحرام :
والمواقيت نوعان : ميقات زماني ، وميقات مكاني . فالميقات الزماني يبدأ من أول شهر شوال وينتهي بانتهاء ثاني أيام التشريق ، ويجوز قبله بيوم :
والمواقيت المكانية خمسة :
1) ذو الحليفة لأهل المدينة .
2) والجحفة لأهل الشام .
3) وقرن المنازل لأهل نجد .
4) ويلملم لأهل اليمن .
5) وذات عرق لأهل العراق .
وواجبات الإحرام هي :
1) الإحرام من الميقات .
2) التجرد من المخيط في حق الرجال ، ومن ترك واجباً فعليه دم .
وسنن الإحرام :
1) الاغتسال والتطيب .
2) الإحرام في إزار ورداء .
3) تقليم الأظافر .
4) التلبية وتكرارها .
5) وقوع الإحرام بعد صلاة .
حج الصغير :
لا يجب الحج على الصغير الذي لم يبلغ ، ولكن إذا حج فله أجر ، وتبقى عليه حجة الإسلام إذا بلغ ، والصغير إما أن يكون مميزاً فهذا ينوي بنفسه بتوجيه من ولي أمره ، ويأمره أن يأتي بأعمال الحج التي يستطيعها ، وأما ما يعجز عنه كرمي الجمار فوليه ينوب عنه ، وإما أن يكون غير مميز فهذا ينوي عنه وليه ويأخذه للمشاعر ، ويجعله يؤدي ما يستطيعه ، ويفعل الولي ما يعجز عنه الصغير ، ذكراً أو أنثى فإن عجز عن السعي والطواف طيف بهما وسعي بهما محمولين ، والأفضل ألا يجعل السعي والطواف مشتركين بل يطوف لنفسه ثم للصغير ، وأحكام إحرام الصغير كأحكام إحرام الكبير .
محظورات الإحرام
والمحظورات ثلاثة أقسام :
القسم الأول : يحرم على الذكور والإناث وهو :
1- إزالة الشعر .
2- تقليم الأظافر .
3- استعمال الطيب بعد الإحرام .
4- الجماع ودواعيه كعقد النكاح والنظر بشهوة والتقبيل إلخ .
5- لبس القفازين .
6- قتل الصيد .
القسم الثاني : ما يحرم على الرجال :
1- لبس المخيط .
2- تقطية الرأس .
القسم الثالث : على الإناث دون الذكور :
يخص النساء بشيء واحد وهو النقاب . ولكن عليهن أن يسترن وجوههن عند مرور الرجال الأجانب قريباً منهن .
فإذا فعل أحد هذه المحظورات بلا عذر فعليه فدية مع كونه آثماً . وإن فعلها لحاجة فعليه فدية ولا إثم عليه . وإن فعل أحد هذه المحظورات وهو معذور إما جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه ولا فدية .
مقدار الفدية :
ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام على التخيير أي : يختار واحدة منها كما يشاء دون ترتيب .
ومن المحظورات :
المباشرة بشهوة ، ولبس المخيط ، وإزالة الشعر والظفر ، وتغطية الرأس للرجال ، ولبس النقاب للمرأة ، والطيب ولبس القفازين .
والفدية لترك واجب من واجبات الحج : كرمي الجمار ، والمبيت بمزدلفة ، والمبيت بمنى ، وطواف الوداع ، والإحرام من الميقات ، فهذا يلزمه دم ، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله . فإن لم يتمكن من صيام الثلاثة أيام في الحج صامها مع السبعة بعد رجوعه إلى أهله .
جزاء الصيد :
إذا كان للصيد مِثْلٌ خُيِّر بين ثلاثة أشياء : إما ذبح المثل وتفريق جميع لحمه على فقراء مكة ، وإما أن ينظر كم يساوي هذا المِثْل فيخرج ما يقابل قيمته طعاماً لكل مسكين نصف صاع ، وإما أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً .
فإن لم يكن للصيد مثل خُير بين شيئين : إما أن ينظر كم قيمة الصيد المقتول فيخرج ما يقابلها طعاماً يفرقه على المساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، وإما أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً .
وجوب الهدي على المتمتع والقارن :
يجب على المتمتع والقارن هدي ، فإن لم يجد صام عشرة أيام : ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .
فدية المحصر إن لم يجد الهدي :
يجب عليه هدي فإن لم يجد ، صام عشرة أيام كالمتمتع والقارن .
فدية الجماع :
يجب على من وطئ قبل التحلل الأول بدنة ، فإن لم يجد صام عشرة أيام ، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .
أركان الحج
أ- أركان الحج أربعة على الصحيح وهي :
1- الإحرام : وهو نية الدخول في النسك ، فمن ترك هذه النية لم ينعقد حجة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .
2- الوقوف بعرفة : لقوله صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة " .
3- طواف الإفاضة : لقوله تعالى : { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج : 29 ، ولحديث عائشة في قصة صفية ـ رضي الله عنهما ـ .
4- السعي بين الصفا والمروة : لقوله صلى الله عليه وسلم : " اسعَوا ، فإن الله كتب عليكم السعي " ، ولحديث عائشة رضي الله عنها ـ .
واجبات الحج :
1- الإحرام من الميقات : لقوله صلى الله عليه وسلم حينما وقّت المواقيت : " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ، لمن كان يريد الحج والعمرة " .
2- الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهاراً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب .
3- المبيت بمزدلفة : لأنه صلى الله عليه وسلم بات بها ، وقال : " لتأخُذَ أمتي نُسُكها ، فإني لا أدري ، لَعلِّي لا ألقاهم بعد عامي هذا " ، ولأنه أذن للضعفة بعد منتصف الليل ، فدل ذلك على أن المبيت بمزدلفة لازم ، وقد أمر الله بذكره عند المشعر الحرام .
4- المبيت بمنى لَيالي أيام التشريق : لأنه صلى الله عليه وسلم بات بها ، ولأنه أذن للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، ورخص لرعاة الإبل في البيتوته خارج منى .
5- رمي الجمرات مرتباً : جمرة العقبة يوم النحر ، والجمرات الثلاث أيام التشريق ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بجمرة العقبة ، ورمى الجمرات الثلاث أيام التشريق ، ولأن الله تعالى قال : { واذكروا الله في أيامِ معدوادت فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } البقرة : 203 . ولحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ حيث قال فيه ... .
6- الحلق أو التقصير : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال : " وليقصر وليحلل " والحلق أفضل لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة .
7- طواف الوداع : لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك : " لا ينفرَنَّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت " , لقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " أُمِرَ الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض .
فمن ترك ركناً ، لم يتمَّ نسكه إلا به ، ومن ترك واجباً جبره بدم ، ومن ترك سنة فلا شيء عليه .
ودليل وجوب الدم على تارك الواجب قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليُهرق دماً " .
أركان العمرة وواجباتها
أ- أركان العمرة ثلاثة :
1- الإحرام : وهو نية الدخول فيها لحديث : " إنما الأعمال بالنيات " .
2- الطواف .
3- السعي : قال صلى الله عليه وسلم في الطواف والسعي : " ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة . " وقال في السعي : " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " .
ب- واجبات العمرة اثنان :
1- الإحرام بها من الحل : لأمره صلى الله عليه وسلم عائشة أن تعتمر من التنعيم ، ولحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في المواقيت .
2- الحلق أو التقصير : لقوله صلى الله عليه وسلم : وليقصر وليحلل فمن ترك ركناً ، لم تتم عمرته إلا به ، ومن ترك واجباً جبره بدم . ومن وقع في الجماع قبل التقصير أو الحلق في العمرة فعليه شاة ، لفتوى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، وعمرته صحيحة .
ومن وقع في الجماع قبل الطواف بالبيت لعمرته فسدت إجماعاً ، وإن كان الجماع بعد الطواف وقبل السعي فسدت كذلك عند الجمهور ، وعليه في الحالتين المضي في فاسدها ، والقضاء والهدي .